محمد علي السيد
محمد علي السيد


محمد علي السيد يكتب: في السويس.. أبو خليل يا جن

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 24 أكتوبر 2022 - 01:05 ص

نداء الله أكبر.. يزلزل مدينة السويس .

خرج أحمد عطيفى من مكمنه بصالة سينما ( رويال ) ليلقى بقنبلته اليدوية على دبابة إسرائيلية.. لم تدمرها.. وكشفته.. فأطلقوا عليه نيرانهم.. وعلى الفور أطلق عليها إبراهيم سليمان من خلف شجرة مجاورة قذيفة ( آر. بى. جى )  دمرتها

ووسط الخطر.. أخذ عطيفى يقفز فى الشارع بكل فرحته يردد.. (أبو خليل يا جن) ..

فقد دمر بذلك ( أبو خليل ) الدبابة الثانية.. بعدما لم تتوقف الأولى بقذيفة عطيفى أيضاً.. فأخذ المدفع.. لمواجهتها من مسافة 15 م ويطلق قذيفته في فتحة السائق لتطير رأسه، وتتحول الدبابة إلى كتلة لهب.. أو ( حتة حديدة )  ..

وعلى بعد 200 م عند مزلقان البراجيل.. دمر أحمد أبو هاشم أخر دبابة فى القول المهاجم بقنبلة يدوية.. فانحصرت الدبابات فى مسافة بسيطة.. وتحدث معركة لا يستطيع وصفها إلا من عايشها..

أخذت الدبابات الإسرائيلية تضرب بعضها بعضاً.. وتركها الجنود الإسرائيليون فزعين فيتم قتال تلاحمى بالسلاح الأبيض.. ففر بعضهم إلى البيوت ليتلقاهم الأهالى بأسلحتهم وعصيهم يقتلونهم ويحرقونهم.. فوصل ذعرهم لدرجة أن بعضهم كان يواجه المدنيين فلا يستطيع استخدام سلاحه من شلل الرعب .

وأخذ أفراد المقاومة فى سكب البنزين على الدبابات وحرقها.. وتدمير اللوارى المحملة بالذخيرة..

فى الثالثة عصرا لجأت قوة العدو لقسم شرطة الأربعين، فحاصرته المقاومة الشعبية وقام إبراهيم سليمان - من أبطال الجمباز - بالقفز أعلى سوره عاجلته دفعة رشاشتهم ويستشهد.. فقام أشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين باقتحام القسم من بابيه الأمامي والخلفي، ليقتلا عدداً كبيراً من الإسرائيليين.. قبل أن يستشهدا.. ويستمر القتال فى القسم حتى تم تطهيره فى اليوم التالي..

••

24 أكتوبر 73..

18 يوماً من عبور 6 أكتوبر.. و ثمانية أيام من ثغرة الدفرسوار. ويومان من قرار مجلس الأمن بوقف أطلاق النار القتال مع آخر ضوء يوم 22 أكتوبر..

لكن القوات الإسرائيلية تبحث عن نصر دعائي يساعدها فى التفاوض .. وتلعب على اسم (السويس ) المرتبط فى العالم بقناة السويس .

 قال ( شارون ) بعدها - إن غلطته الكبرى هى غلق طريق القاهرة ، وإلا لهرب أهل المدينة وتم احتلالها .

لم يفهم أن سبع سنوات من مهانة حرب 67، وتهجير السويس، جعلت من فيها ، مستعداً لاستقبال ( رياح الجنة ) بالشهادة عن طيب  خاطر  فلا يبقى لحظة  فى المهانة أو بعيداً عن المدينة ..

***

رغم الخداع.. واجه الإسرائيليين مصيرهم.. ووهمهم.

قصفوا المدينة بالطائرات والمدفعية طوال 23 أكتوبر.. واستغلوا دبابات مصرية استولوا عليها فى يونيو 67، ورفعوا عليها أعلاماً لقوات عربية أعلن عن وصولها للمشاركة فى قتال النصر..(لكن على مين !).

••

أوضح الاستطلاع أن العدو يستعد للهجوم من المحاور الثلاثة

• الشمال. قادماً من القطاع الريفى الى كوبرى الهويس وحوض الدرس ثم بور توفيق ليصبح فى ظهر الجيش الثالث..

• الجنوب.. من الزيتيات، عبر جبل عتاقة.. فى طريقه لمبنى المحافظة وقلب المدينة .

• الغرب.. من طريق القاهرة.. عبر شارع الجيش الذى يخترق السويس من بدايتها عند المثلث ثم منطقتى الأربعين والبراجيل ممتداً حتى السويس وطريق بورتوفيق..

***

فى الشرق.. هناك قوات بدر التي حققت معجزة العبور واحتاطت للأمر.. بتدعيم قواتها فى رأس الكوبرى فى شرق القناة.. وإمداد المدينة بالقوات والمؤن والذخيرة تحسباً لقطع طريق الإمدادات

ويتولى المستشار العسكري للمحافظة مهمة قيادة وتنظيم الدفاع عن المدينة بالقوات والأفراد والإمكانيات المتيسرة حتى آخر طلقة ورجل..

وقام قائد الفرقة 19 ( العميد يوسف عفيفى ) بدفع مجموعات اقتناص الدبابات وصواريخ لتنظيم الدفاع عن المدينة..

وقسمت السويس إلى قطاعات تقاتل فيها القوات المسلحة والشرطة والدفاع الشعبى.. مع مساعدة من مدفعيتنا فى الشرق لضرب محاور الاقتراب من المدينة..

وفى قلب السويس.. كانت مجموعات المقاومة الشعبية من منظمة سيناء، ينظمون أنفسهم فى مجموعات على المحاور الرئيسية.. لأنهم أدرى بمدينتهم.. ويصرون على الوفاء بقسمهم..

(فى أغنية الكابتن غزالى..

والله ها ترجع تانى.. لبيتك وغيطك يا خال..)

وميكروفون مسجد الشهداء.. يردد فيه الشيخ حافظ سلامة.. أن أهل السويس يرحبون برى أرضهم بدماء الإسرائيليين القذرة..

***

وجاء يوم الوفاء ..

عندما ظهرت دبابات العدو على طريق المعاهدة (فى الشمال الغربى) واجهها القناصة.. وتم تدمير عدد منها فحاولت الالتفاف من الغرب ودمروها وتكررت المحاولة بعد الظهر. فواجهها القناصة ومدفعياتنا من الشرق فتكبدت خسائر فادحة فى منطقة حوض الدرس.. وتوقفت عن الهجوم..

وفى الجنوب.

قام نقيب الشرطة حسن حسام عاصم بتكوين مجموعة من أبناء السويس ( العاديين ) بأسلحة الشهداء حصل عليها من مستشفى السويس العام  يقاتل بجوار مدرسة السويس الثانوية العسكرية والمحافظة وفندق بلير فقتل للعدو 60 فردا ً فانسحب الباقى للأستاذ..

وفى الغرب.. تركز هجوم العدو.. وواجه مقاومة عند البراجيل وقسم الأربعين وفندق بلير.. وحاولت دباباته اختراق طريق بور توفيق فانفجرت الدبابة الاولى بلغم مرصوص وتعاملت الصاعقة مع الباقى..

••

يوماً تاريخياً خسرت فيه إسرائيل 32 دبابة.. و22 قتيلاً فى قسم الأربعين و60 عند فندق بلير.. وعشرات فى الشوارع والبيوت..

••

فى الصباح التالى.. القوات الإسرائيلية خارج المدينة.. ورجالنا على استعدادهم .. ولم ينسوا إنسانيتهم فدفنوا الشهداء وقتلى الإسرائيليين أيضاً..

ولا ينسى تاريخ هذا اليوم.. استشهاد.. النقيب شرطة نبيل شرف وعاصم حمودة، والمساعد خليل عيسوى.. وعدد من الشرطة.

وإبراهيم سليمان وأشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين.. وأحمد أبو هاشم .

وأسماء أخرى كثيرة.. محفورة فى وجدان أبناء السويس وكل مصر.. ليس فى 24 أكتوبر فقط، ولكن على مدى حصار مائة يوم من النضال الذى كلل بانسحاب إسرائيليين فى 29 يناير 1974 ..

ولا تنتهى وقائع النصر وذكرياته.. فى أوراق اللواء أ.ح. مسعد ششتاوى.

 

يستشهد بأقوال الإسرائيليين أنفسهم.. فقد كتب الخبير العسكرى (زئيف شنيف) عن الثغرة بعد جمع مادتها ممن شاركوا فيها

لقد خدع الهدوء الذى ساد مدينة السويس، قوات الجنرال إدان فاندفعت إلى داخلها لتنهال عليهم نيران المصريين، وتشتعل الدبابات ويسقط مئات القتلى والجرحى، وتحولت الجهود من عملية الهجوم إلى تأمين انسحاب القوات المتبقية إلى خارج السويس وإخلاء القتلى والجرحى ..

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة